الصرف وميدانه
§ يعرف علماء العربية علم الصرف بأنه ( العلم الذي تعرف به كيفية صياغة الأبنية التي ليست اعرابا ولا بناء) والمقصود ( بالأبنية ) هنا ( هيئة ) الكلمة . ومعنى ذلك أن العرب القدماء فهموا الصرف على أنه دراسة (لبنية) الكلمة , وهو فهم صحيح في الإطار العام للدرس اللغوي.
§ غير أن المحدثين يرون ( أن كل دراسة تتصل بالكلمة أو أحد أجزائها وتؤدي إلى خدمة العبارة والجملة أو – بعبارة بعضهم – تؤدي إلى اختلاف المعاني النحوية – كل دراسة من هذا القبيل هي صرف.
§ ومن هذا الرأي نستطيع أن نفهم ( علم الصرف ) من خلال الترتيب الآتي :
1. علم ( الصوات اللغوية ) يدرس ( العنصر ) الأول الذي تتكون منه اللغة , أي يدرس الصوت المفرد في ذاته أو في علاقته مع غيره .
2. علم ( الصرف ) يدرس ( الكلمة )
3. علم ( النحو ) يدرس ( الجملة )
§ ومن هذا الترتيب نستطيع أن ندرك أن كثيرا من مسائل الصرف لا يمكن فهمه دون دراسة للأصوات وبخاصة في موضوع كالإعلال والإبدال , كما أن عددا كبيرا من مسائل النحو لا يمكن فهمه إلا بعد دراسة الصرف . وعلى ذلك يرى معظم اللغويين المحدثين درس النحو والصرف تحت قسم واحد , ويسمون النحو في هذا الحالة ( grammar ) على أن يشمل :
i. الصرف morphology .
ii. النظم syntax .
§ وهذا الرأي ينبني على أساس صحيح لأن الصرف يشكل مقدمة ضرورية لدراسة النحو , ولنأخذ مثلا الجملة الآتية : ( زيد قارئٌ كتاباً )
§ فأنت لا تستطيع أن تعرف ( موقع ) كلمة ( كتاباً ) إلا إذا عرفت أن كلمة ( قارئ ) اسم فاعل , أي أنك لا تعرف ( الوظيفة النحوية ) لكلمة ( كتاباً ) إلا بمعرفة ( البنية ) الصرفية لكلمة ( قارئ ) وهكذا .
§ والواقع أن علماء العربية القدماء لم يفصلوا بين النحو والصرف , ولا تزال كتب النحو القديمة منذ كتاب سيبويه تشمل العلمين معاً . ومن اللافت للنظر أن العالم اللغوي العظيم أبا الفتح عثمان بن جني قد أشار إلى ان يكون درس الصرف قبل درس النحو , فقال في كتابه المصنف :
v فالتصريف إنما هو لمعرفة أنفس الكلمة الثابتة , والنحو إنما هو لمعرفة أحواله المتنقلة , ألا ترى أنك إذا قلت : قام بكرٌ , ورأيت بكراً , ومررت ببكر , فإنك إنما خالفت بين حركات حروف الإعراب لاختلاف العامل , ولم تعرضً لباقي الكلمة .
v وإذا كان ذلك كذلك , فقد كان من الواجب على من أراد معرفة يبدأ بمعرفة التصريف لأن معرفة ذات الشيء الثابت ينبغي أن يكون أصلاً لمعرفة حالة المتنقلة .
§ ومهما يكن من امر , فإن علماء العرب يحددون ميدان الصرف بأنه دراسة لنوعين فقط من الكلمة :
i. الاسم المتمكن
ii. الفعل المتصرف
§ ومعنى ذلك أنه لا يدرس الحرف , ولا الاسم المبني , ولا الفعل الجامد . والآن نبدأ بدراسة الأبواب التي اهتم بها القدماء والتي نرى لها أهمية في التطبيق اللغوي .
المراجع : الكتاب التطبيق الصرفي .
: للدكتور عبده علي الراجحي
: الطبعة الأولى سنىة 2008 م - 1428 ه
: عمان - دار المسيرة للنشر والتوزيع
0 comments:
Post a Comment